قصة "حب نارى"
وقفت امام المرأة تتامل حالها ، وتضع لمسة كحل هنا ، وقطرة عطر يخلب الالباب هناك .. وعندما تاكدت انها مستعدة للمغادرة ، خرجت من بيتها متوجه الى مكان تجمع بداية المظاهرة...
فتلك الجميلة ليست شخصية عادية .. بل ناشطة سياسية ، رائعة الجمال .. لها افكار نارية ، تؤيد فكر "الاخوان".. وترى ان ما حدث فى الثلاثون من يونيه ، ما هو الا انقلاب عسكرى.. وليس إرادة شعب ..اما هو .. هذا الوسيم حلو التقاطيع ذى الفكر "اللبيرالى ".. انه النقيد تماما، لكل ما تؤمن به هى .. ويؤمن بكل ما هو عكس مبادئها ، الغريب ان كلا منهما معتقد ،انه الصواب بعينه ، وانه هو فقط الذى يحب بلده .. كلا منهما يعتقد ، ان فريق الاخر هو العدو لفريقه ولمصر...
بدأت المظاهرة ، هتفات ضد كل شئ من قبل فريق الاخوان وهذا فريقها .. ثم هتفات مضادة من جهة الفريق الاخر وهذا فريقه ، وحدث الاشتباك بين الفريقين .. وتحولت المظاهرة السلمية الى معركة شرسة.. وسط المعركة ، وقعت عينيه عليها .. ودق قلبه،دقة غريبة..لقد وقع فى غرامها .. فى غرام عينيها التى تقطر براءة ومشاكسة ،وشئ أخر ملائكى.. شئ جعله ينسي لماذا هو فى هذا المكان ؟!..وصار لا يريد سوى حمايتها...
قرر التوجه نحوها ، وأخذها بعيدا عن المظاهرة التى تحولت ، للاسف لمعركة ..ولكن سبقه اليها، كائن همجى ، ضربها بعصى غليظة على راسها الجميل .. فوقعت مغمى عليها كعصفور جريح ...
اخيرا وصل اليها بشق الانفس .. حملها ، كطفلة وديعة نائمة .. ثم وضعها بمنتهى الرفق فى سيارته ، وعاد بها الى منزله...
استيقظت الاميرة النائمة ، لتجد نفسها فى حجرة لا تعرفها ، وراسها معصوب ، وتشعر بالم حاد بها،ورجل غريب عنها يتاملها .. لم يفزعها الالم فى راسها ، ولا جرحها .. وانما كانت خائفة فقط منه .. من شئ غامض فى عينيه .. ولاحظت انها ترتعش بردا.. ولاحظ هو ذلك ،فقام فى ثانية واحضر لها غطاء ثقيل ، وفرده عليها فى حنان واهتمام براحتها ودفئها ...
حاولت ان تنهض عن السرير وهى تسأله:
"من انت وماذا افعل انا هنا ؟...واين انا؟......و...."
سكتت عندما عجزت عن مغادرة مكانها ، فاجابها :
"انت الان اسيرة حرب.. غنيمة لى..انا انقذتك من المعركة..طوال عمرى احلم بان انقذ فتاة ..وتكون جميلة .. وانت تمام كما كنت اتمنى..."
وابتسم ، فهو يمزح معها .. ولكنها لم تبتسم ، وكشرت عن انيابها ..كقطة صغيرة غاضبة.. فتابع ليطمئنها :
"انا احضرتك هنا..هذا بيتى..بعد اصابتك فى المظاهرة .. اهلا بك..."
فقالت له غاضبة:
"انت "لبيرالى"...انا اعرفك..اعرف امثالك...لا اهلا ولا سهلا بك........"
كان سيرد عليها بكلمات قاسية ، ولكنه سكت ، وكظم غيظه ، ودخلت امه فى تلك اللحظة، وكانها دخلت لتمنع اشتباك ثانى ولكن فى بيتها ،وابنها سيكون طرف به ، وكانت تحمل صينيه عليها بعض الاسعافات الاولية ...
فورا حمل الصينية عن امه وشكرها ، ثم عرف ، الام بالضيفة .. فابتسمت لها الام بحنان ، ابتسامة اكدت لها انها فى ايد امينة .. ثم شد انتباهها انه بداء يفك العصبة عن راسها ، وينظف جرحها بمهارة ، وكانه يعلم ما يفعل جيدا ، كانت تريد ان تقاوم وترفض مساعدته ، ولكن شئ ما جعلها مستسلمة امامه، وخاصة بعد ان رمقها بنظرة امرة بالاستسلام ، وعندما انهى ما يفعل ، كانت متاكدة ان هناك شئ جديد عرف طريقه اليها.. مشاعر جديدة ، لم تجربها من قبل...
اعادها فى تلك الليلة الى بيتها بسيارته ، ولم تملك سوى ان تشكره ، وهو يودعها ، واخذ منها رقم تليفونها ، بعد ان رسم الف خطة ، ليكون هذا طبيعى ومنطقى...
بعد ذلك كان هناك بينهما ، الاف المكالمات الهاتفية.. واللقاء بينهما صار ضرورة ..تقريبا ،يوميا.. فى البداية كان الحديث عن السياسة ، محور كلامهما .. ثم صارت .. كلمات الحب ، هى كلماتهما ..فقط الحب.. حب كلا منهما للاخر...
وعندما عرض عليها الزواج ، قالت له :
"انا لازالت اؤمن بمبادئ ، وانت كذلك .. " وابتسمت وتابعت :
"اذا تزوجنا وانجبنا طفل ، ماذا سيكون حاله؟....."
فابتسم لها واجاب :
"سيكون مصرى .. "
اما زفافهما ، فحقنا للدماء والاشتباك ، بين المدعوين ، كان قائم على حمايته لجان شعبية، من اصدقائها واصدقائه المقربين ، لفصل القوات بين عناصر المدعوين من الاخوان واللبيراليين...
بقلم /مى الحجار
"كاتبة هاوية"